كتــاب يعــود فيــه المؤلــف إلى جــذور الوجــود اليهــودي بالمغــرب العــربي وكيــف أنهــم شكلوا نسيجاََ واحـداََ مـع الأغلبيـة المسـلمة هنـاك، بدايـة مـن مشـاركتهم وحـدة المصيـرعنـد الخـروج القهـري مـن الأندلـس قبـل خمسـائة عـام، وكيـف أن الدعايـة الصهيونيـة لم تســتطع التأثـيـر عليهــم في بــادئ الأمــر لأنهــم كانــوا يتمتعــون بحقــوق مســاوية تمامــا للمسلمين إلى
ًّ درجـة تدخـل الملـك محمـد الخامـس شـخصياََ ليحول دون أن يرتدي اليهود
المغاربـة نجمـة داود كمـا كانـت تعليمـات حكومـة فيشـي التابعـة للنـازي الألماني.
يقــدم الدكتــور هيــكل بيانــات وإحصــاءات موثقــة مــن الأرشــيف الملكـي المغربي، ومــن أرشـيف الوكالـة اليهوديـة يثبـت مـن خلالـه أن الوضـع العـام لهـم بحسـاب نسـبتهم إلى عــدد الســكان كان يفــوق في جودتــه الوضــع العــام لمسلمي المغــرب بدرجــة واضحــة.
يتتبــع الدكتورهيــكل بعــد ذلــك هجــرة معظــم اليهــود المغاربــة إلى إسرائيــل ويرصــد الصعوبــات التــي واجهوهــا في التكيــف مــع اليهــود الغربيـيـن بســبب اختــلاف منظومــة
القيــم بــن الفريقيــن، ويقتفــي أثــر هــذه الصدمــة النفســية عليهــم مــن خــلال تقاريــر
الصحــف ووســائل الإعــلام الإسرائيلية.
يخصـص المؤلـف بعـد ذلـك القسـم الثـاني مـن الكتـاب لمظاهـر انكشـاف هـذا الوهـم لـدى اليهـود المغاربـة مـن خـلال اسـتعراضه للعديـد مـن الأعمال الأدبية مـن مسـرح وقصـة وشعر، وكلهـا تصـب في هـذا الاتجـاه الحائـر بيـن الماض كانـوا فيـه في إخـوة مـع المسلمين في وطـن حقيقـي، وبـين حـاضر هـم فيـه أغـراب حتـى عـن بنـي دينهـم.
كمـا يكشـف بوضـوح عـن «اسـتعامل » المقـدس لتحقيـق السـياسي، بهـدف التخديـم عـلى أهــداف إمبرياليــة اســتعمارية يســتخدم فيهــا الديــن وجمــوع اليهــود دون أي اعتبــارللقيمـة المعنويـة والنفسـية لهـؤلاء، وكأنـه كُتـب علـى يهـود المغـرب وجلهـم هجـر إليهـا من الأندلس أن يطردوا من الجنة مرتين.